عاجلمقالات

طاهر حسن يكتب: تطوير الذات وتعديل السلوك 

•فارس على جواده

من يستحق هذا اللقب عن جدارة؟، ففي زمن منصرم كانت القبيلة تحتفل بمولد فارس حقيقي بها، بمواصفات عظيمة، تستحق الفخر، وتخضع له كل الرقاب، وتنحني له الهامات؛ إجلالا وتعظيمًا، فالفروسية الحقيقية تجعل منك قائدًا عن كفاءة واستحقاق، فكن واثقًا من نفسك ومن قدراتك، فبناء الثقة ليس بالأمر اليسير، ولكنه يحتاج منا لبذل جهد حقيقي، فلتكن واقفًا على أرض صلبة مصنوعة من فولاذ إذا داهمتك حوادث الدهر، ولا تخضع ولا تذل ولا تلين لمخلوق غير الله، لأن الله كافيك كل الشرور، فلتبدأ أولا بالثقة في الله أنه سوف يعينك، وييسر لك كل أمورك، ويسخر لك كل مخلوقات الأرض لتقف معك للوصول لتحقيق هدفك، وتؤمن بذلك عن يقين، بأن الله هو خير معين، وأنه هو مجيب السائلين، ومن يتوكل عليه فهو حسبه، فقد قال الرسول الكريم – صل الله عليه وسلم – : ” لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا ” رواه الترمذي، وقال حديث حسن، فحسن التوكل على الله عن يقظة ويقين يقي الإنسان مصارع السوء، ولو كنت في فلاة وهاجمتك السباع وأنت أعزل، يسخر لك الله من يكون بجانبك، ويدافع عنك، ويهديك سبيل الرشاد، فكن واثقًا بالله تنعم بالأمن والأمان والإطمئنان، ثم تنطلق من الثقة في الله إلى الثقة بالنفس، ولتكن واثقًا في قدراتك، فمهما كانت قدراتك قليلة؛ فأنت من تجعلها بالجد، والاجتهاد، والإصرار، والعزيمة، كثيرة، وعليها تكون ساعتها قادرًا على تخطي كل الصعاب، ووإزالة كل العقبات، للوصول بتلك الإمكانيات القليلة لتحقيق هدفك المنشود، فتصل لتحقيق الأحلام التي كنت تراها مستحيلة بسهولة ويسر، وتقول لنفسك دائمًا بصوت عالٍ عندما تقابلك عقبة: “أنا أستطيع أنْ أفعالها”، وتجد الكون كله يردد صدى صوتك؛ لأنه نابع من أعماقك، ومن تلك النفس الواثقة بالله، والمؤمنة بإمكانياتها وقدراتها، ثم تنطلقة من هذا كله إلى الثقة بالآخرين، وحسن الظن بهم، فعليك بتقديم حسن الظن بالآخرين ما لم يثبت عكس ذلك، ولتكن واثقًا بأنهم سيقفون معك، ويعينونك على تكملة طريق نجاحك، فالخوف من المجهول يجعلك تخضع للظروف وتظن أن طريق النور مظلم ومسدود بالعقبات في آخره، ولكن إذا قدمت حسن الظن بالناس وأنهم لن يسخروا منك ولن يحاربوك ولن يخذلوك فإن ذلك الشعور المخلص من أعماق قلبك يجعلهم يتغيرون من أعماق قلوبهم لو كانوا يريدون بك سوء، فسوف يبدل الله حالهم ليكونوا خير معين لك على الشدائد، ويسخر لك قلوبهم وأفئدتهم، فإذا حققت هذه العناصر الثلاثة لبناء الثقة ” الثقة في الله، ثم الثقة في النفس، ثم الثقة في الآخرين” فأنت بذلك تسحق أن تكون بحق ” فارس على جواده ” .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى